ما حكم المريض التي لا تسيطع الوضوء

وللمريض في الطهارة عدة حالات، إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء، وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس، أو تلف عضو، وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم، المريض المصاب بسلس البول أو استمرار خروج الدم أو الريح ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ويغسل ما يصيب بدنه وثوبه، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن تيسر له ذلك.

وللمريض في الطهارة عدة حالات، إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء، وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس، أو تلف عضو، وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم، المريض المصاب بسلس البول أو استمرار خروج الدم أو الريح ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ويغسل ما يصيب بدنه وثوبه، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن تيسر له ذلك.


سؤال:

وردنا عدد من الأسئلة حول أحكام طهارة المريض وصلاته، وهذا جوابها مفصلا فيما يلي:

جواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
لقد شرع الله سبحانه وتعالى الطهارة لكل صلاة، فإن رفع الحدث وإزالة النجاسة، سواء كانت في البدن أو الثوب أو المكان المصلى فيه - شرطان من شروط الصلاة.


فإذا أراد المسلم الصلاة وجب عليه أن يتوضأ الوضوء المعروف من الحدث الأصغر، أو يغتسل إن كان حدثه أكبر، ولا بد قبل الوضوء من الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة في حق من بال أو أتى الغائط لتتم الطهارة والنظافة.


وفيما يلي بيان لبعض الأحكام المتعلقة بذلك:
فالاستنجاء بالماء واجب لكل خارج من السبيلين كالبول والغائط، وليس على من نام أو خرجت منه ريح استنجاء، إنما عليه الوضوء؛ لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة هاهنا.


والاستجمار يقوم مقام الاستنجاء بالماء، ويكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها، ولا بد فيه من ثلاثة أحجار طاهرة فأكثر، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من استجمر فليوتر [1]»، ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: « إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن فإنها تجزئ عنه [2] » رواه أبو داود. ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار، رواه مسلم.


ولا يجوز الاستجمار بالروث والعظام والطعام وكل ما له حرمة، والأفضل أن يستجمر الإنسان بالحجارة، وما أشبهها كالمناديل واللبن - اليابس من التراب والجص - ونحو ذلك، ثم يتبعها الماء؛ لأن الحجارة تزيل عين النجاسة والماء يطهر المحل، فيكون أبلغ، والإنسان مخير بين الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالحجارة وما أشبهها، أو الجمع بينهما.


عن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء [3] ». متفق عليه. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لجماعة من النساء: «مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله [4] » قال الترمذي: هذا حديث صحيح.


وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل؛ لأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر، وهو أبلغ في التنظيف، وإن اقتصر على الحجر أجزأه ثلاثة أحجار إذا نقى بهن المحل، فإن لم تكف زاد رابعا وخامسا حتى ينقي المحل، والأفضل أن يقطع على وتر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من استجمر فليوتر [5] »، ولا يجوز الاستجمار باليد اليمنى، لقول سلمان في حديثه: «نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجي أحدنا بيمينه [6] ». ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه [7]».


وإن كان أقطع اليسرى أو بها كسر أو مرض ونحوهما، استجمر بيمينه للحاجة ولا حرج في ذلك، وإن جمع بين الاستجمار والاستنجاء بالماء كان أفضل وأكمل.


ولما كانت الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر والسهولة، فقد خفف الله سبحانه وتعالى عن أهل الأعذار عباداتهم بحسب أعذارهم ليتمكنوا من عبادته تعالى بدون حرج ولا مشقة، قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ (الحج الآية 78)، وقال سبحانه: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ (البقرة الآية 185)، وقال عز وجل: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ (التغابن الآية 16)، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم [8] »، وقال: «إن الدين يسر ».


فالمريض إذا لم يستطع التطهر بالماء بأن يتوضأ من الحدث الأصغر أو يغتسل من الحدث الأكبر لعجزه أو لخوفه من زيادة المرض أو تأخر برئه، فإنه يتيمم، وهو أن يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة واحدة، فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ منه ﴾ (النساء الآية 43)، والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء، لقول الله سبحانه: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم [9] »، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: «إنما يكفيك أن تقول بيديك: هكذا [10] »، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
ولا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار.


ولا يصح التيمم إلا بنية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى [11]».


وللمريض في الطهارة عدة حالات:

1- إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء برء ولا زيادة ألم ولا شيئا فاحشا، وذلك كصداع ووجع ضرس ونحوهما، أو كان ممن يمكنه استعمال الماء الدافئ ولا ضرر عليه، فهذا لا يجوز له التيمم؛ لأن إباحته لنفي الضرر ولا ضرر عليه؛ ولأنه واجد للماء فوجب عليه استعماله.


2- وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس، أو تلف عضو، أو حدوث مرض يخاف معه تلف النفس أو تلف عضو أو فوات منفعة، فهذا يجوز له التيمم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.


3- وإن كان به مرض لا يقدر معه على الحركة ولا يجد من يناوله الماء جاز له التيمم. فإن كان لا يستطيع التيمم يممه غيره، وإن تلوث بدنه أو ملابسه أو فراشه بالنجاسة ولم يستطع إزالة النجاسة أو التطهر منها – جاز له الصلاة على حالته التي هو عليها؛ لقول الله سبحانه ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾، ولا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بأي حال من الأحوال بسب عجزه عن الطهارة أو إزالة النجاسة.


4- من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره استعمال الماء فأجنب - جاز له التيمم للأدلة السابقة، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك، وتيمم للباقي.


5- إذا كان المريض في محل لم يجد ماء ولا ترابا ولا من يحضر له الموجود منهما، فإنه يصلي على حسب حاله وليس له تأجيل الصلاة، لقول الله سبحانه: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾.


6- المريض المصاب بسلس البول أو استمرار خروج الدم أو الريح ولم يبرأ بمعالجته، عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ويغسل ما يصيب بدنه وثوبه، أو يجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن تيسر له ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ (الحج الآية 78)، وقوله تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ (البقرة الآية 185)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم [12]»، ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول أو الدم في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته.


وله أن يفعل في الوقت ما تيسر من صلاة وقراءة في المصحف حتى يخرج الوقت، فإذا خرج الوقت وجب عليه أن يعيد الوضوء أو تيمم إن كان لا يستطيع الوضوء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة وهي التي يستمر معها الدم غير دم الحيض. وما خرج في الوقت من البول فلا يضره بعد وضوئه إذا دخل الوقت.


وإن كان عليه جبيرة يحتاج إلى بقائها مسح عليها في الوضوء والغسل، وغسل بقية العضو، وإن كان المسح على الجبيرة أو غسل ما يليها من العضو يضره كفاه التيمم عن محلها، وعن المحل الذي يضره غسله.


ويبطل التيمم بكل ما يبطل به الوضوء، وبالقدرة على استعمال الماء، أو وجوده إن كان معدوما.
والله ولي التوفيق.


[من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله]



[1] رواه البخاري في (الوضوء) برقم (156) ومسلم في الطهارة برقم (350).

[2] رواه أبو داود في (الطهارة) برقم (36)، والدارمي في (الطهارة) برقم (668).

[3] صحيح البخاري الوضوء (152)، صحيح مسلم الطهارة (271)، سنن النسائي الطهارة (45)، سنن أبو داود الطهارة (43)، مسند أحمد بن حنبل (3/171)، سنن الدارمي الطهارة (676).

[4] سنن الترمذي الطهارة (19)، سنن النسائي الطهارة (46).

[5] صحيح البخاري الوضوء (161)، صحيح مسلم الطهارة (237)، سنن النسائي الطهارة (88)، سنن أبو داود الطهارة (35)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (338)، مسند أحمد بن حنبل (2/371)، موطأ مالك الطهارة (33)، سنن الدارمي الطهارة (662).

[6] رواه مسلم في (كتاب الطهارة) باب الاستطابة برقم (386).

[7] رواه مسلم في (كتاب الطهارة) برقم (392).

[8] رواه البخاري في (الاعتصام بالكتاب والسنة)، برقم (6744)، واللفظ له، ومسلم في (الفضائل) برقم (4348).

[9] صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/508)

[10] صحيح البخاري التيمم (347)، صحيح مسلم الحيض (368)، سنن الترمذي الطهارة (144)، سنن النسائي الطهارة (320)، سنن أبي داود الطهارة (322)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (571)، مسند أحمد (4/265)، سنن الدارمي الطهارة (745).

[11] صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبو داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد بن حنبل (1/43).

[12] صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/508).

وللمريض في الطهارة عدة حالات، إن كان مرضه يسيرا لا يخاف من استعمال الماء معه تلفا ولا مرضا مخوفا ولا إبطاء، وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس.