كيف تنعقد الامامة عند اهل السنة والجماعة

تختلف الإمامة عند أهل السنة وإمامة الشيعة، فإمام أهل السنة تنعقد بثلاث طرق، اولا – الاختيار من اهل الحل، والعقد. ثانيا – الاستخلاف. ثالثا – القهر، والغلبة.

 

 

 

تختلف الإمامة عند أهل السنة وإمامة الشيعة، فإمام أهل السنة تنعقد بثلاث طرق، اولا – الاختيار من اهل الحل، والعقد. ثانيا – الاستخلاف. ثالثا – القهر، والغلبة.

تنعقد الامامة عند اهل السنة والجماعة بثلاثة طرق، وهي:

 اولا – الاختيار من اهل الحل، والعقد. ثانيا – الاستخلاف. ثالثا – القهر، والغلبة.

 

ويمكن تقسيم انعقاد الامامة الى قسمين:

 فيكون القسم الاول: في حال الاختيار، والاستقرار، والسعة، ويكون القسم الثاني: في حال الغلبة، والقهر، والاضطرار، وكل هذه الطرق مبنية على ادلة من الكتاب، والسنة، والاجماع.

 

وفي كلا التقسيمين المحصلة واحدة، وكل الذي ذكرناه مبني على ادلة من الكتاب، والسنة، والاجماع.

 

– دليل اختيار اهل الحل، والعقد: الدليل على هذا استخلاف ابي بكر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، فانهم استُخلفوا باختيار اهل الحل والعقد، فخلافة ابي بكر رضي الله عنه كانت باجماع الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم كما ثبت عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه عند البزار، والحاكم بسند صحيح كما قال الحافظ الهيثمي: " 14334 - وَعَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قِيلَ لَعَلِيٍّ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: «مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْتَخْلِفُ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بِالنَّاسِ خَيْرًا، فَسَيَجْمَعُهُمْ عَلَى خَيْرِهِمْ كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ».

 

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ، وَهُوَ ثِقَةٌ. [1]"

 

وفي هؤلاء الذين اختاروا ابا بكر رضي الله عنه الكثير ممن بقي بعد موت النبي صلى الله عليه واله وسلم من السابقين الاولين من المهاجرين والانصار، قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ 100: التوبة، فكانت طريقتهم رضي الله عنهم باختيار اهل الحل، والعقد للخليفة،، وكل هذا تم في سقيفة بني ساعدة، وهذه الطريقة هي الطريقة المرضية عند الله تعالى، فخلافة ابي بكر كانت من اهل الحل، والعقد بعمومهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، واما خلافة امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فقد كانت باختيار الستة اهل الشورى الذين عينهم امير المؤمنين عمر رضي الله عنه، واما خلافة امير المؤمنين علي رضي الله عنه فقد كانت باختيار عموم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكل هذا حدث في عهد الخلفاء الراشدين الاربعة رضي الله عنهم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه عند الامام ابي داود بسند صحيح كما قال العلامة الالباني: " فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ[2] "

ثانيا – دليل الاستخلاف: ودليل ذلك فعل ابي بكر رضي الله عنه باستخلاف عمر رضي الله عنه بموافقة جميع الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وقد انعقد الاجماع على ذلك، قال الامام النووي: " وَأَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ [3]"

ثالثا – دليل القهر، والغلبة: دليل ذلك ما جاء عند الامام البخاري من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال لابي ذر رضي الله عنه: " «اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ»[4] "

وفي مسند الامام احمد بسند صحيح كما قال العلامة شعيب الارناؤوط من حديث أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال في حجة الوداع: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ، وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ [5]"

فاقول ان كل الادلة التي ذكرناها قائمة على الكتاب، والسنة، اي بتوجيه من الشارع الحكيم في طرق انعقاد الامامة عند اهل السنة والجماعة، وقد صرح العلماء بهذه الطرق الشرعية في انعقاد الامامة، حيث قال الامام يحيى بن ابي الخير العمراني الشافعي: " ونصب الإمام في وقتنا حق واجب فمن وجدت فيه شروط الإمامة وظهرت شوكته وقوي أمره وجبت طاعته ولا يجوز الخروج عليه بقول ولا فعل، سواء كانت إمامته بعقد أهل الحل والعقد له، أو باستخلاف إمام حق قبله له أو بغلبته بالسيف [6]"

وقال الامام النووي: " وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ:

 أَحَدُهَا: الْبَيْعَةُ، كَمَا بَايَعَتِ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ........

 

الطَّرِيقُ الثَّانِي: اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ مِنْ قَبْلُ، وَعَهْدُهُ إِلَيْهِ، كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ.......

 

وَأَمَّا الطَّرِيقُ الثَّالِثُ، فَهُوَ الْقَهْرُ وَالِاسْتِيلَاءُ، فَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ، فَتَصَدَّى لِلْإِمَامَةِ مَنْ جَمَعَ شَرَائِطَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ وَلَا بَيْعَةٍ، وَقَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنُودِهِ، انْعَقَدَتْ خِلَافَتُهُ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَامِعًا لِلشَّرَائِطِ بِأَنْ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ جَاهِلًا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: انْعِقَادُهَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ " [7]

 

وقال الامام ابن عثيمين: " وتحصل الخلافة بواحد من أمور ثلاثة:

الأول: النص عليه من الخليفة السابق، كما في خلافة عمر بن الخطاب فإنها بنص من أبي بكر رضي الله عنه.

 

الثاني: اجتماع أهل الحل والعقد سواء كانوا معينين من الخليفة السابق كما في خلافة عثمان رضي الله عنه، فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المعينين من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أم غير معينين كما في خلافة أبي بكر رضي الله عنه على أحد الأقوال، وكما في خلافة علي رضي الله عنه.

 

الثالث: القهر والغلبة كما في خلافة عبدالملك بن مروان حين قتل ابن الزبير وتمت الخلافة له [8]"

 

وقال الامام النووي: " قَوْلُهُ (إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي إِلَى آخِرِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أجمعوا علىأن الْخَلِيفَةَ إِذَا حَضَرَتْهُ مُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ وَقَبْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَيَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ فَإِنْ تَرَكَهُ فَقَدِ اقْتَدَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا وَإِلَّا فَقَدِ اقْتَدَى بِأَبِي بَكْرٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِ الْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ إِذَا لَمْ يَسْتَخْلِفِ الْخَلِيفَةُ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخَلِيفَةِ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِالسِّتَّةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَصْبُ خَلِيفَةٍ وَوُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ " [9]

وقال الامام ابو الحسن الماوردي: " وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ "[10]

وقال العلامة البهوتي: " وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ الْعَطَّارِ: وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ إنْ يَبِيتَ وَلَا يَرَاهُ إمَامًا بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا[11] "

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية: " فمتى صَارَ قَادِرًا عَلَى سِيَاسَتِهِمْ بِطَاعَتِهِمْ أَوْ بِقَهْرِهِ، فَهُوَ ذُو سُلْطَانٍ مُطَاعٍ، إِذَا أَمَرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ " [12]

وقال الامام ابن قدامة المقدسي: " ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة، وسمي أمير المؤمنين، وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين " [13]

وقال الامام ابن حجر: " قَالَ بن بَطَّالٍ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ جَارَ وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ الْمُتَغَلِّبِ وَالْجِهَادِ مَعَهُ وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَتَسْكِينِ الدَّهْمَاءِ وَحُجَّتُهُمْ هَذَا الْخَبَرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُسَاعِدُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنَ السُّلْطَانِ الْكُفْرُ الصَّرِيحُ فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا " [14]

 

 

 



[1] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي – ج 9 ص 47، ومسند البزار ج 1 ص 115، والمستدرك على الصحيحين – ابو عبد الله محمد بن عبدالله الحاكم - ج 3 ص 84

[2] صحيح وضعيف سنن أبي داود – محمد ناصر الدين الالباني – ج 10 ص 107

[3] شرح صحيح مسلم – ابو زكريا يحيى بن شرف النووي – ج 12 ص 205

[4] صحيح البخاري - بَابُ إِمَامَةِ المَفْتُونِ وَالمُبْتَدِعِ – ج 1 ص 141

[5] مسند الامام احمد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 45 ص 234

[6] الانتصار - ابو الحسين يحيى بن أبي الخير العمراني - ج 1 ص 101

[7] روضة الطالبين – ابو زكريا يحيى بن شرف النووي - ج 10 ص 43 – 46

[8] شرح لمعة الاعتقاد – محمد بن صالح العثيمين – ص 53 – 54

[9] شرح صحيح مسلم – ابو زكريا يحيى بن شرف النووي – ج 12 ص 205

[10] الاحكام السلطانية – ابو الحسن علي بن محمد الماوردي – ص 30

[11] شرح منتهى الإرادات - منصور بن يونس البهوتى الحنبلى - ج 11 ص 279

[12] منهاج السنة النبوية – ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن تيمية – ج 1 ص 529

[13] لمعة الاعتقاد – أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي – ص 40

[14] فتح الباري – احمد بن علي بن حجر – ج 13 ص 7.

تختلف الإمامة عند أهل السنة وإمامة الشيعة، فإمام أهل السنة تنعقد بثلاث طرق، اولا – الاختيار من اهل الحل، والعقد. ثانيا – الاستخلاف. ثالثا – القهر