هل يحاسب الأطفال في قبورهم؟


بقلم: طه المصطفى

هل الأطفال يمتحنون في قبورهم؟

هناك قولين:
القول الأول: من قال إن الأطفال يسألون، انه يشرع الصلاة عليهم والدعاء لهم وسؤال الله عز وجل أن يفهم عذاب القبر. وفتنه القبر كما ذكر الإمام مالك في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه، انه صلى على جنازة صبي طفل فسمع من دعائه: “اللهم قه عذاب القبر".

واحتجوا بما رواه علي بن معبد، عن عائشة رضي الله عنها، انه مر عليها بجنازة طفل صبي صغير، فبكت، فقيل لها: ما يبكيك يا أم المؤمنين؟ فقالت: هذا الطفل الصبي بكيت له شفقه عليه من ضمة القبر.
 
عذاب القبر

واحتجوا بما رواه هنادي بن السري عن عذاب القبر، حدثنا أبو معاوية، عن يحي بن سعيد بن المسيب، عن ابي هريره رضي الله عنه قال إن كان ليصلي على المنفوس ما أن أعمل خطيئة قط فيقول: اللهم اجره من عذاب القبر.

قالوا: والله سبحانه يكمل لهم عقولهم ليعرفوا بذلك منزلتهم ويلهمهم الجواب عما يسألون عنه.

قالوا: وقد دل على عذاب القبر الأحاديث الكثيرة التي فيها انهم يمتحنون في الأخرة، وحكاه الاشعري عن اهل السنة والحديث، فإذا امتحنوا في الأخرة لم يمتنع امتحانهم في القبور.

القول الثاني: انهم لا يسألون عن عذاب القبر.
انما السؤال يكون لمن عقل الرسول والمرسل، فيسأله هل أمن بالرسول وأطاعه ام لا؟ فيقول له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فأما الطفل الذي لا تمييز له بوجه ما، فكيف يقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ ولو رد إليه عقله في القبر، فانه لأرسال عما لم يتمكن من معرفته والعلم به، ولا فأئده في هذا السؤال، وهذا بخلاف امتحانهم في الأخرة، فان الله سبحانه يرسل إليهم رسولا ويأمرهم بطاعة أمره وعقولهم معهم، فمن اطاعه منهم نجا، ومن عصاه أدخله الله النار، فذلك امتحان بأمر يأمرهم به يفعلونه ذلك الوقت، لا أنه سؤال عن أمر مضى لهم في الدنيا من طاعة أو عصيان كسؤال الملكين في القبر.

وقال عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فليس المراد بعذاب القبر فيه عقوبة الطفل علي ترك طاعة أو فعل معصيه قطعا، فان الله لا يعذب أحدا بلا ذنب عمله بل عذاب القبر قد يراد به الألم الذي يحصل للميت بسبب غيره وإن لم يكن عقوبة على عمل عمله، ومنه قوله(ص):"إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه "اي يتألم بذلك ويتوجه منه، لا أنه يعاقب بذنب الحي. "ولا تزول وازرة وزر أخرى".

وهذا قول النبي(ص):"السفر قطعه من العذاب “فالعذاب اهم عم من العقوبة.

ولا ريب أن في القبر من الالام والهموم والمسرات ما قد يسري أثره الي الطفل فيتألم به، فيشرع المصلي عليه أن يسأل الله تعالي له أن يقيه ذلك العذاب. هذا والله اعلي واعلم.