اتيان السحرة مشروط بحالة واحدة


اتيان السحرة مشروط بحالة واحدة


فيما نقل عن الإمام البخاري وسعيد بن المسيب من القول بجواز سؤال السحرة حل السحر عن المسحور.


اعلم أخي الكريم أنه نُقِلَ عن الإمام البخاري أنه نَقَلَ عن سعيد بن المسيب القول بجواز إتيان السحرة لحل سحرهم عن المسحور، وممن نقل ذلك عن البخاري ابن بطال في شرحه صحيح البخاري (9/467) فقال ما نصه: (واختلف السلف: هل يسأل الساحر عن حل السحر عن المسحور؟
 فأجازه سعيد بن المسيب – على ما ذكره البخاري – وكرهه الحسن، وقال: لا يعلم ذلك إلا ساحر، ولا يجوز إتيان الساحر؛ لما روى سفيان عن أبي إسحاق عن هبيرة عن عبد الله بن مسعود قال: (من مشى إلى ساحر أو كاهن فصدقه بما يقول: فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم). اهـ.


ثم تتابع العلماء على نقل هذا القول عن الإمام البخاري تقليدًا لابن بطال، وممن نقل هذا القول الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (1/439) فقال: (واختلفوا هل يسأل الساحر حلَّ السحر عن المسحور؛ فأجازه سعيد بن المسيب على ما ذكره البخاري). اهـ.


وقال الحافظ ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (1 /141):

(مسألة: وهل يسأل الساحر حلاً لسحره، فأجازه سعيد بن المسيب فيما نقله البخاري). اهـ.


وقال ابن حجر الهيثمي في الزواجر (2 /104):

(قال القرطبي: هل يسأل الساحر حلَّ السحر عن المسحور؟ قال البخاري: عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه يجوز، وإليه مال المازري، وكرهه الحسن البصري). اهـ.


فانظر - رحمك الله - كيف تتابع هؤلاء العلماء الكبار على عزو هذا القول للإمام البخاري؛ مع أن نقل البخاري عن سعيد لا يساعد على ذلك؛ لوجوه:

الأول: أن البخاري - رحمه الله تعالى - قال في صحيحه (7/29): بابٌ: هل يستخرج السحر؟ وقال قتادة لسعيد بن المسيب: رجل به طب، أوْ يؤخذ عن امرأته. أيحل عنه أو ينشر؟ قال: لا بأس به؛ إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم ينه عنه...


ومما يدلك على أن مراد سعيد بالجواز المذكور قول القرافي في الفروق (4147) الفرق 242: (الرقية لما يطلب به النفع، أما ما يطلب به الضرر، فلا يسمى رقية، بل هو سحر). اهـ.


وأيضًا فجواب سعيد بن المسيب – رحمه الله تعالى – ليس فيه أكثر من جواز الحل والنشر عن المسحور، والحل والنشر عن المسحور ليس خاصًا، ولا مقصورًا ولا محصورًا على حل ونشر السحرة؛ فقد تقدم التعريف بالنُّشْرة الشرعية بأنها:

(رقية المريض وتعويذه. يقال: نشرته تنشيرًا إذا رقيته، وعوذته، وإنما سميت نشرة؛ لأنها ينشر بها عن المريض؛ أي يحل عنه ما خامره من الداء).



هل يسأل الساحر حلَّ السحر عن المسحور؟