الانتحار بين الشباب (مصر نموذج)

     انتشرت حوادث الانتحار في الآونة الأخيرة وخاصة بين الشباب من سن 15 الى 30 عام وهذا ما ينذر بخطر كبير لماذا يلجأ الشباب إلى الانتحار مع انه سن الحيوية والأمل حيث أفادت منظمة الصحة العالمية أن حالات الوفاة بين الشباب منتحرين تساوي حوالي ثماني مائة الف شخص أي أنه يتوفى كل أربعون ثانية شخص منتحر خاصة بين الشباب.

الانتحار:

    هو الشخص الذي يتعمد قتل نفسه قاصدا بذلك التخلص من حياته، والقضاء عليها، وغالبُا ما يكون الانتحار بسبب عوامل نفسيه نتيجة ضغوط اجتماعية أو اليأس أو بسبب عوامل الاكتئاب.

أسباب الانتحار:

- عوامل نفسيه مثل الاكتئاب أو الضغوط أو اليأس أو المشكلات في العلاقات الشخصية.

- عوامل اجتماعية واقتصادية مثل ظروف المعيشة والبطالة والفقر وقد يكون للانتحار عوامل سياسية.

- عوامل مرضية مثل الإدمان أو انفصام الشخصية، مرض الوسواس القهري.

الحكم الشرعي للانتحار:

 - نهى الشرع الحنيف عن قتل النفس لما في ذلك من إثم عظيم وكبيرة من الكبائر، وهو محرم في القرآن الكريم لما ورد في ذلك آيات كثيرة ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا  ﴾ [النساء: 29]، ﴿  وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].

 - وفي السنة النبوية وردت أحاديث كثيرة جرمت هذا الفعل ونهت هذا الفعل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي"[1]

-  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَ أَبَدا»[2].

لماذا يعد الانتحار إثم ومعصية عظيمة وهل هو أكبر من قتل المؤمن متعمدا؟

- لأن الانسان مؤتمن على جسمه في الأرض أعطاه الله إياه لكي يعمره في الأرض فهو ليس ملكا له بل ملكا للخالق كما في الحديث رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ“.

- عدم الرضا بقضاء الله وقدره والاعتراض على أحكام الله.

هل يكفر المنتحر الذي أقدم على الانتحار:

الإجابة: لا يعتبر المنتحر كافر؛ بل أنه ارتكب معصية وكبيرة من الكبائر والدليل في صحيح مسلم من حديث جابر: فما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان معه الطفيل بن عمرو ومعه رجل من قومه فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل في منامه فرآه وهيئته حسنة ورآه مغطياً يديه فقال له ما صنع بك ربك فقال غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى لله عليه وسلم فقال مالي أراك مغطياً يديك، قال قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ، وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ ] [3].

ولا يتعارض ذلك مع رفض النبي الصلاة على أحد الناس الذي قتل نفسه فلا يعني ذلك أن الرسول كفره أو أخرجه من المله؛ بل لبيان غلظة الفعل وليكون رادع للمسلمين من بعده بعد الاقدام على تلك الفعله.

العلامات التي تدل على أن الشخص مقدم على الانتحار:

     لا يعني بذلك أن أي شخص يعاني من تلك العلامات أنه مقدم على الانتحار بل أنها علامات تدل أنه مقبل على الانتحار أو التفكير في عملية الانتحار فمنها على سبيل المثال:

- العزلة التي يكون فيها الشخص المنتحر فتراه هائم على نفسه يعيش في ملكوت أخر لا يكلم أحد ومنعزل عن كل الناس بما في ذلك أقرب الناس اليه.

- الهوس بفكرة الموت أو الوفاة أو الميل للعنف.

- تناول المواد الكحولية أو المواد المخدرة بما في ذلك المواد المخدرة مثل أدوية الاكتئاب

---

[1]  رواه البخاري، انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي ابن حجر العسقلاني، باب تمني المريض الموت، حديث رقم: (5347) ص: (134).

[2] المصدر شبكة الألوكة (شرح حديث: من قتل نفسه بحديدة)

[3] رواه مسلم في الصحيح